أفارقة المغرب..واقع واحد بأوجه مختلفة
في مدينة الدار البيضاء، عاصمة المغرب الإقتصادية، و بين شوارع المعاريف وأزقة المدينة القديمة أثار انتباهنا تواجد عدد كبير من المهاجرين الأفارقة تختلف أوضاعهم الإجتماعية باختلاف مؤهلاتهم العلمية والمعرفية .. مؤهلات تدفع بالبعض إلى الإشتغال في أكبر الشركات المحلية وتحرم البعض الأخر من امتهان أبسط المهن الممكنة؛ ليجدوا أنفسهم بين أحضان واقع مرير يدفعهم في أغلب الأحيان إلى التسول، ممارسة الدعارة أو السرقة لخلق استمرارية تعايش يومي في مجتمع يشكلون ضيوفه الغير مرحب بهم .. قضيتهم تبقى واحدة بالرغم من الإختلافات المذكورة.. قضية وطنية لم تعد انعكاساتها مقتصرة على أفارقة اختاروا المغرب ليكون طريقا سالكة نحو بلدان أوروبا.. بل إن انعكاساتها تمتد إلى خلق وضع يتسم بالحدة والشذوذ والعنصرية، تصبح فيه النعوت و العبارات الشفهية القاسية وسيله للطرد و التعذيب النفسي.. وضع تغتال فيه جميع مبادئ الإنسانية الحقة و تطمس فيه ابسط الحقوق التي يفترض أن يتمتع بها الإنسان كيفما كان عرقه و ديانته، وضع تتحول فيه حياتهم إلى جحيم عوض ما كانوا ينتظرونه ، وهكذا تتحول صورة مجتمعنا إلى صورة أبدع ملتقطوها في تدمير كل مبادئ التآلف والرحمة، لتكون النتيجة نظرات استهزاء وسخرية يتوارثها الأبناء عن آبائهم ويدفع ثمنها كل عابر سبيل إفريقي تطأ قدماه تراب بلادنا. الشئ الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى وقوع حوادث جسيمة أبرزها ما وقع بمدينة طنجة من صراعات مميتة بين مواطنين مغاربة و مهاجرين أفارقة حيث ترجع هذه السلوكيات السلبية في الأصل إلى الهشاشة الإجتماعية التي تعاني منها فئات عريضة من المجتمع المغربي.
يعزى هذا التحول في مجال الهجرة جنوب جنوب بالأساس إلى الأزمة الاقتصادية العالمية حيث أن أوروبا لم تعد بحاجة لتدفق الهجرة القادمة من جنوب المتوسط بكل أشكالها ، مما جعل المغرب يتحول من بلد عبور إلى بلد إقامة . حيث أصبح يستقطب أعدادا كبيرة من المهاجرين الأفارقة الفارين من ظروف عيش قاسية و جحيم الحروب .. والآملين في تحسين ظروفهم المعيشية و الظفر بحياة أفضل داخل الأراضي الأوروبية . غير أن الأزمة الاقتصادية التي أرخت بظلالها على الاتحاد الأوروبي وجعلته يشدد إجراءاته الأمنية، و يحكم مراقبة حدوده، حالت بينهم وبين تحقيق حلم العبور إلى الضفة الأخرى، الشيء الذي جعل معظم المهاجرين يتخدون من المغرب بلدا للاستقرار.