مهاجر مغربي يطالب بالعدالة: قصة معاناة في مشروع سياحي بالعرائش”

شؤون الإستثمار

 

في مدخل مدينة العرائش، يقف مشروع “الميراج” شاهداً على قصة استثمار مُعرقَل وتواطؤ مريب، قاسم الفرجاني، مهاجر مغربي عاد لوطنه حاملاً أحلامًا كبيرة ورغبة في الإسهام في التنمية الاقتصادية للبلاد، يجد نفسه اليوم في صراع مستمر مع عراقيل إدارية وقانونية لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا.

 

تعرض الفرجاني لعملية تدليس محكمة أدت إلى تعطيل المشروع، فبالرغم من أنه استوفى كل الشروط القانونية، وجد نفسه غارقًا في دوامة من الإجراءات البيروقراطية والمماطلات الإدارية التي لم تجد لها نهاية، الأدهى من ذلك، أن الجهات المعنية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تمادت في تقديم حجج واهية لمنعه من استكمال مشروعه، مما أثار لديه شكوكا حول وجود تواطؤ بين بعض المسؤولين.

 

ورغم كل هذه العقبات، استمرت أعمال البناء في مشروع “الميراج”، ولكن ليس من قبل الفرجاني، هنا يكمن الغموض الكبير: كيف يمكن لأطراف أخرى أن تستمر في البناء، بينما يُمنع المالك الأصلي من تحقيق حلمه؟ الشكاوى التي قدمها الفرجاني لم تجد صدى لدى السلطات المحلية، التي يبدو أنها غضت الطرف عن كل هذه التجاوزات، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى التزام تلك السلطات بمبادئ العدالة والنزاهة، في ظل وجود أدلة واضحة على وجود تلاعبات إدارية.

 

في صميم هذه القضية، يبرز دور المكتب الجهوي للاستثمار بطنجة وجماعة العرائش كأطراف رئيسية في هذه الفضيحة، المكتب الجهوي للاستثمار، الذي يُفترض أن يكون داعماً ومُحفزاً للاستثمارات في المنطقة، يبدو أنه لعب دورًا معاكسًا تمامًا، حيث لم يقدم أي حجج منطقية لتبرير تعطيل المشروع، أما جماعة العرائش، فهي الأخرى لم تظهر أي مبادرة للتصدي لهذه التجاوزات، ما يجعل الفرجاني وغيره من المستثمرين يتساءلون عن جدوى الاستثمار في بيئة تفتقر للشفافية والمساءلة.

 

في ظل هذا الوضع الكارثي، ورغم مراسلة السيد الوالي يونس التازي، لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأن هذا الموضوع. وهنا يُطرح السؤال: هل توصل السيد الوالي بالرسالة أم أنها وُضعت على رفوف النسيان؟ هنا يجد قاسم الفرجاني نفسه مضطراً لمناشدة جلالة الملك محمد السادس للتدخل، معبراً عن أمله في أن يكون تدخله السامي كفيلاً بكشف ملابسات هذه القضية وإنصافه.

 

الفرجاني لا يرى في مشكلته مجرد قضية فردية، بل نموذجًا مصغرًا لما يمكن أن يحدث لأي مستثمر في حال غياب الرقابة والمحاسبة الفعالة، ويدعو إلى تحرك عاجل من قبل الجهات العليا لإعادة الأمور إلى نصابها، وتحقيق العدالة التي طال انتظارها.

 

قضية مشروع “الميراج” ليست مجرد صراع بين مستثمر والبيروقراطية، بل هي إشارة تنبيه إلى أن هناك مشاكل أعمق يمكن أن تعرقل مسيرة التنمية في المغرب، عندما يواجه المستثمرون مثل هذه التحديات، تتضرر سمعة المغرب كوجهة استثمارية، ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد المحلي.

 

الفساد والتواطؤ، إن لم يُقضَ عليهما، يمكن أن يحدّا من قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ويؤدي إلى هجرة رؤوس الأموال إلى أماكن أكثر أمانًا.

 

بينما يترقب قاسم الفرجاني وجميع المتابعين لهذه القضية تدخلًا ملكيًا يعيد الأمور إلى نصابها، يبقى السؤال الأهم: هل ستتحرك السلطات المسؤولة لضمان تحقيق العدالة؟ وهل ستتعلم الجهات المعنية من هذه القضية لتجنب تكرارها مستقبلاً؟ في ظل عدم وجود إجابات واضحة، يبقى الأمل معلقًا في قلوب الكثيرين، ويظل الخوف من ضياع فرص استثمارية أخرى قائمًا.

 

في النهاية، قضية مشروع “الميراج” تلقي الضوء على ضرورة إصلاح جذري وشامل في طريقة تعامل الإدارات مع المستثمرين، وضمان بيئة استثمارية شفافة وعادلة، فتطوير الاقتصاد المغربي يتطلب أولاً وقبل كل شيء استعادة ثقة المستثمرين، وذلك لن يتحقق إلا بالقضاء على الفساد، وتعزيز الرقابة، وضمان المحاسبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.